أئمة وأمراء
إذا كان التأسيس مفصلًا تاريخيّاً مهمّاً يُنسب لجهود الإمام وشخصيته السياسية المتفردة، فإنّ الاستمرارية بالإنجاز، والمضي قُدُمًا في سبيل التطوير، وترسيخ دعائم الاستقرار الداخلي والخارجي للدولة السعودية على مرّ تاريخها، تُنسب إلى كل من جاء بعده، ليستكمل مسيرة البناء والتقدم، فقد كان الإمام عبد العزيز بن محمّد خلفًا لتلك المسيرة، والذي ولد سنة 1133هـ/1720م، وقد تعلّم على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وتحلّى الإمام عبد العزيز بالعلم والعمل والفضيلة، وكان داعيًا لله عزّ وجلّ، تولّى الإمام عبد العزيز الحكم بعد وفاة والده سنة 1179هـ/ 1765م، وله خصال أهمها العلم والحزم والقوة، فقد تربى على يد والديه اللذين علماه على الحكم والقوة، وعلى يد العلماء الذين تعلّم منهم العلم والدين، توفي الإمام عبد العزيز ساجدًا بين يدي الله بعدما طُعن بسكين غادر سنة 1218هـ/ 1803م، في الدرعية وهو يصلي بالناس، ثمّ جاء الإمام سعود بن عبد العزيز الذي ولد سنة 1161هـ/ 1748م، وتتلمذ على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكان فطنًا ذكيّاً وسريع البديهة والحفظ، لذلك أصبح خطيبًا ومحدّثًا جيدًا فيما بعد، كان الإمام سعود من أشجع أئمة الدولة السعودية الأولى، وأشدهم حرصًا على مشورة الرعية في أمور الدولة، وبالأخصّ العلماء منهم، وبويع الإمام سعود بعد استشهاد والده الإمام عبد العزيز سنة 1218هـ/ 1803م، وتوفي عام 1229هـ/ 1913م، إثر إصابة كان يعاني منها أسفل بطنه، ثمّ تولّى الإمام عبد الله بن سعود الإمامة سنة 1229هـ/ 1813م، بعد وفاة والده الإمام سعود، وقد وصف الإمام عبد الله بأنه يتفوق على العلماء أنفسهم في الفقه، وكان بليغًا ذكيّاً متواضعًا، إلى أن توفي سنة 1234هـ، 1818م، بعد سقوط الدولة السعودية الأولى(1) التي خلّفت بحكم قاداتها إرثًا تاريخيّاً لم يزل يعبق حتى اليوم، ولم يغب عن سياسة كل الذين تولّوا مسؤولية حكمها على نهج يقتدي بتعاليم الإسلام وسنة رسوله الكريم.
(1) موجز تاريخ الدولة السعودية، فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز آل سعود، مكتبة الملك فهد الوطنية، ط1، 2018م، ص30.